الصفحة الرئيسية  ثقافة

ثقافة مسرحية " كنترا": المولود المسرحي البكر لمركز الفنون الدرامية بالقصرين تصنع الحدث..

نشر في  11 أوت 2018  (11:50)

استهل مركز الفنون الدرامية والركحية  بالقصرين أولى انتاجاته بالعمل المسرحي  المتميز" كنترا" نص و اخراج المبدع والفنان الطيب الملائكي، ادارة الانتاج الأستاذ حاتم دلالي والادارة الفنية تحت اشراف الأستاذ توفيق القسومي مع  تمثيل ثلة من المبدعين والفنانين الذين آمنوا بالمسرح وعملوا على تجسيد أحلامهم فوق الركح فكانت "كنترا" العمل المميز الذي أظهر براعتهم في الأداء وعشقهم الدفين  للمسرح...

هم آمنوا بمنطقتهم " القصرين " تلك المنطقة الحدودية التي عانت التهميش والنسيان منذ عقود وكانت بمثابة المكان الاستراتيجي للإرهاب الاقتصادي والثقافي والسياسي.. حبهم لهذه الأرض وعشقهم الدفين لربوعها دفع بهؤلاء الفنانين الى التحدي لهذه التيارات والنطق بالمسكوت عنه وكشف خفايا أنظمة الفساد المتفشية في مجتمعنا...

"كنترا" فلسفة عميقة  من الأضواء والموسيقى حضور مكثف للغة الجسد المشفرة عبر الكوريغرافيا والتي  كشفت عن  شخوص مشوهة تخلت عن آدميتها لتسقط في الوحشية المطلقة  لتكشف عن منظومة الفساد التي تسود مجتمعنا اليوم وتخضعه الى الرضوخ تحت ماكينة الفساد حيث أن الكل يمثل الواحد وكأننا أمام  نظام الحكم النازي المتسلط في زمن الثورة والربيع العربي ..

مفارقات غريبة وشخوص أغرب تكشف عن قبح واقعنا اليوم الذي تحكمه عصابات التهريب والإرهاب  على اختلافه .. علاقات سياسية  وقيادية شاذة ولدت رهاب الحرية و الإنعتاق  وكرست مبدأ قانون الغاب حيث البقاء للأقوى ..

سلسلة من الشخوص المرموقة من أعلى هرم السلطة تتصدر قائمة الفساد وتحكم الشعب بقبضة من حديد .. " سي الشريف " "الففاتي " " بو العز " "المدام " " المزوري " اسكندر "  " الريزو".. شبكة فساد يستغل أصحابها نفوذهم السياسي لتحقيق مصالحهم الشخصية تورط كلي للقضاء والأمن والسياسة مع عمال التهريب الذي شمل جميع القطاعات..

تزييف للعملة ومساهمة في سقوط الدينار التونسي .. تبييض للأموال، تدليس الملفات ومغالطة القضاء... نظام  بأكمله يقود الدولة ويخترق منظومة القانون والعدالة والحرية.. ديناميكية غريبة تفضح واقعنا المشوه الذي تغيب فيه القيم الأخلاقية والإنسانية  بسقوطها الكلي في قعر المتاه  لتعلن  "الكنترا"  في المقابل حضورها المكثف، فرغم سقوط " سي الشريف " الهرم الأعلى للفساد والداعم اللأقوى لعصابات التهريب.

إلا أن "الكنترا  "تبقى متفشية في مجتمعنا وكأننا أمام الفعل العبثي لهذه الظاهرة" مع هبة ريح خريف  السماء مظلمة والأرض يابسة تبدى الحكاية في البلاد المنسية يدين في الظلام للظلام ممدودة والعينين هايمة في كل بر وثنية  دارت الماكينة سي الشريف عنكبوت صياد والغلط ممنوع  المادام اختصاص قانون عام وعقد صفقات  سي الفافاتي يحمي ويسلك  سي اسكندر بنكاجي محاسبي  وبو العز دينو كنترا وبرشا أخرين وتتضارب المصالح وتتكاثر المشاكل وتتعطل الماكينة ويغيب سي الشريف وتبقى الكنترا ... "

كنترا عمل فني ومسرحي مميز وفلسفة عميقة من القضايا الإنسانية الشائكة فرجة هادفة جمالية في الأداء والتمثيل. شكرا لكل من ساهم في انجاح هذا العمل.